ظهر الفنان المصري محمد صبحي على برنامجه في قناة مصرية وقال كلاماً محترماً جداً، أحسب أن كلامه كلام واقعي لما يحدث لنا في البلاد العربية، الفساد أصبح سمة دول عديدة، وقد شاهدنا مشاريع جديدة في البحرين مثلاً تفيض شوارعها مع «قطرتين مطر» وشاهدنا مشاريع عملاقة في دول مجاورة وقد تسربت منها مياه الأمطار.
صبحي قال في برنامجه: «الصينيون القدماء حين أرادوا تحصين وطنهم من الغزاة والهجمات، بنوا سور الصين العظيم، لكن خلال الـ 100 عام الأولى من بناء السور، تم غزو الصين ثلاث مرات مع وجود السور».
ثم قال: «الصينيون أخذوا سنوات طوال من أجل بناء السور، لكنهم نسوا بناء حارس السور، فقد كان الغزو يأتيهم من خلال رشوة حراس السور، فتفتح الأبواب للغزاة ويدخل ويدخلون دون عناء»..!
مثال الصين لم يبق في الصين، أصبح حالة عامة، ومع عميق الأسف عند المسلمين الذين حرم الله عليهم الرشوة، وأصبح الراشي والمرتشي والرائش بينهما ممن يدخلون في نطاق لعنة الله.
اليوم هناك تحديات كثيرة أمام مسيرة التنمية بالبحرين، أول هذه التحديات الأمن والقضاء على الإرهاب بشكل تام، فالأمن هو ركيزة أي تنمية، وأساس نهضة اقتصاد الأوطان.
غير أن هناك تحديات أخرى مريرة وكبيرة، هذه التحديات تصبح مثل الحجر الكبير الذي يغلق فتحة النفق، وهو تحدي الفساد المستشري، والرشاوى، وعدم المحاسبة من جانب الدولة، «مجلس النواب غسلنا يدنا منه» الأمل في أن تقوم الحكومة الموقرة بالمحاسبة وتحويل المفسدين للنيابة العامة، أو إقالة أي مسؤول فاسد.
ليعذرني الجميع، في بعض الأزمات التي مرت علينا، مع عميق الأسف تستغني الحكومة الموقرة عن الرجال المخلصين من الوزراء، على سبيل المثال الدكتور فيصل الحمر الذي ذهب ضحية الأزمة السياسية في 2011، بينما كان من الرجال الذين يعول عليهم في عملية التصحيح.
أيضاً في التعديل الأخير خرج رجل فاضل وشريف ونزيه، هو الاخ فضل البوعينين، كان ضحية الحكومة المصغرة، والله لا نعرف ماذا نقول..؟
بالامس القريب نشر أحد المحامين في «تويتر» عن أحد الوزراء الذي عليه «شيكات مرجعة» ولا نعلم من هو الوزير، بينما كل شيء سيخرج للعلن اليوم أو غداً، من هنا نقول إننا أحياناً نحتاج إلى «عصا» خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز» الذي جعل الوزراء «يمشون على العجين».
فأي وزير أو مسؤول يقصر في عمله يعفى في الحال، حتى أصبح بقية الوزراء في حالة من الرعب من الإقالة، فأخذوا يتقنون العمل، ويسمعون للمواطن باهتمام بالغ، وأصبح الوزراء يخشوا أن يردون على المواطنين بردود فيها رفض أو استعلاء، ويصل الأمر إلى سلمان بن عبد العزيز. من أجل ذلك أصبحت المملكة العربية السعودية اليوم في حالة عمل دؤوب وإنتاج وابتكار، وأحسبها تفوقت علينا في العمل الحكومي المنظم والمدروس، والذي ينشد الوصول للهدف ضمن الرؤية العامة.
اليوم البحرين تحتاج إلى قوة المحاسبة، وإن تطلب الأمر أن يقال الوزير أو مسؤولون تحته من أعمالهم، وإن ثبت عليهم الفساد يحالون للنيابة العامة، إذا أردتم أن يصحح مسار التنمية ومسار الاقتصاد، والاستثمار، عليكم بقطع أيادي الفساد والفشل، وأيادٍ تساهم في تعطيل التنمية ودخول البلد في حالة من الفساد العام حتى أصبحت سمعتنا سيئة.
فتصبح المعاملات في بعض الوزارات لا تخلص بسرعة كبيرة إلا إذا دفعت، أو أن الموظف الذي لديه المعاملة يقول لك كلاماً غريباً، لكنك تفهم معنى كلامه فيما بعد، يقول لك: «ليش تتعب روح مع الطوابير وأخذ الأرقام، جوف لك مخلص، وعطه المعاملة وهو بخلص لك بسرعة البرق، تبي رقمه»؟
ثم تكتشف أن المخلص يأخذ منك مبلغ تخليصه للمعاملة شاملة «الرشوة للموظف المعني» هكذا تسير الأمور في بعض الوزارات، ومع عميق الأسف أن بعض المسؤولين، وبعض الوزراء يعرفون ذلك، ويعرفون المرتشين بالأسماء، لكنهم لا يفعلون شيئاً أبداً.
هطل علينا المطر، وخرجت الفضائح وهو «مسلسل كل عام» ولا شيء يتغير، ولا شيء يتبدل، ولا شيء يصحح، مشاريع جديدة تغرق، فماذا نقول اليوم بينما الوزارات تتقاذف المسؤوليات، كل وزارة تلقي المسؤولية على الأخرى، وهكذا حتى يذهب العام ويأتينا العام القادم، ويهطل المطر وتخرج نفس الفضائح.
حين نقدم الشكر للحكومة الموقرة على أنها طلبت تقريراً شاملاً عن الأمطار وما حدث فيها، يرد علينا القراء والناس بتهكم، ويقولون كل سنة نسمع نفس الكلام، ونفس اللجان، ولا شيء يتغير، مادامت أسباب الفشل في الوزارات موجودة دون أن تحاسب أو تقال، فكيف يصلح الحال..!
الجميع يتطور ويتقدم، ونحن في دوامة غرق البيوت من مياه الأمطار، البلد تحتاج محاسبة بصرامة «الوزير إذا شعر أن رأسه بيطير من الوزارة راح يستوي سوبر مان» لكن إذا تركنا الأمور كما هي اليوم سنعود للخلف ولن نتقدم أبداً.
لا توجد جهة تمتلك المحاسبة الشديدة، مجلس النواب كما ترون، تقرير ديوان الرقابة كان «دايت» ولا يحاسب أحد على ما يرتكبه، وهكذا، بمعنى أصح، نحن في «حفلة كلاااااااام»، كلام في كلام، ولا شيء يحدث، حتى أصبحنا في آخر الركب..!
** رذاذ
كنت أتحدث مع أحد الإخوة المطلعين على ما يجري حولنا في دول الخليج، يقول الأخ: «يا أخي لا تقارن البحرين بدبي، لا توجد مقاييس للمقارنة، اليوم إمارة أم القيوين تتقدم بشكل رهيب، وسوف أذكركم، أم القيوين ستتخطى دبي في المستقبل القريب، فما بالك بالبحرين..!!
** البعض يقول دبي في السبعينيات كانت صحراء، نعم كانت صحراء، لكن هذه شهادة لهم وليست ضدهم، ففي سنوات بسيطة أصبح مطار دبي يستقبل سياحاً أكثر مما يستقبل مطار هيثرو.. «أقولك كانت صحراء».. ناس تشتغل لبلدها، واحنا للحين مو عارفين نعمل محطة واحدة فعلية للمستثمر حين يريد أن يمارس العمل، بيروقراطية على طائفية وفي النهاية كل هذا يضرب اقتصادنا في مقتل، وقد كتبت ذلك منذ أيام في الوزير السابق وكانت تأتينا ردود متشنجة فاقدة للعقلانية، وتنكر أن هناك تعطيلاً.. اليوم في السعودية تحصل على السجل التجاري في 180 ثانية.. اصحوا يا ناس المنافسة شديدة..!
** ضحية المطر في مركز القلب..!
أحد المواطنين من ضحايا المطر في كل عام، الرجل أصيب بأزمة قلبية بعد أن شاهد المياه تغمر بيته للعام الرابع على التوالي وهو من سكنة بيوت إسكان ألبا بالرفاع، هذا الرجل اليوم هو في مركز القلب بالعسكري. من يعوض هذا الرجل عن صحته، وعما يحدث له كل عام فيخسر كل الأثاث والأجهزة الكهربائية، بالله عليكم لو كانت في البلد محاسبة صارمة وناس تشتغل لمصلحة وطنها لما حدث لهذا الرجل ما حدث وهو رجل بسيط وعلى قد حاله.